إطلالة على معجزة جلال زنكَابادي



د. توفيق آلتونجي من السويد: لاغرابة إنْ كان الشعر البوّابة الكبرى لولوج العالم الرحيب للأدب الإبداعي بكل مجالاته لجلّ المبدعين الذين كتبوه أو أحبوا سماعه وقراءته؛ مادام الشعر الحقيقيّ مغامرة لإقتحام العوالم اللامطروقة واللامرئيّة، بل حتى الهلاميّة التكوين في أعماق خالقيه، ولاعجب إذا لمْ يفقه الفقهاء مدياته وأسراره، وإذا عجز العلماء عن حصر أبعاده وأعماقه بقوانينهم الرياضية واستقصاءاتهم الفيزياويّة ومعادلاتهم الكيمياويّة، شأنهم شأن الضالعين في نشدان الميتافيزيقيا...
أجل..لأن الصور الشعرية تجسّد إستلهام الشاعر للأصوات الخفيّة الموسوسة في أذنيه، والجمل والعبارات شبه الطلسميّة الآتية من مجاهيل الكون الأكبر وأغوار روحه، حيث تندسّ في قلبه ووجدانه وعقله؛ فتسومه سوء العذاب مؤرّقةً إيّاه في آناء الليل والنهار، لاتغمض له عين ويقرّ له قرار إلاّ إذا باحت بها ألسنة قصائده، مهما كلّفه البوح من عسف و قمع ونبذ...لاسيّما إذا كان شاعر حبّ بمعناه الإنساني الرحيب والعميق ، ومناهضاً للحرب بشتى صنوفها ومشتقاتها مثل شاعرنا جلال زنكَابادي (1/12/1951- كردستان العراق) والذي إلتقيته عبر قصائد مجموعته (ها هي معجزتي!) لقاءً تعجز الكلمات عن وصفه؛ فمددت يدي الملهوفة من قطبنا الشماليّ المنجمد عبر الأثير لأصافحه بحرارة لهيب بابا كَركَر مكبّراً فيه مبدعاً دؤوباً صموتاً منتبذاً خلوته الزاخرة بكنوز الرؤى ، منذ أن إندلعت نار الشعر في روحه ذات يوم من أيّام مطلع 1963 عام ابتلاء بلاد الرافدين بوباء الفكر القومي السلبي من العفلقيين وامثالهم، اقول منذئذ ذاك اليوم راح شاعرنا اليافع يحلّق بين الأرض والسماء ملاحقاً معشوقته الحلميّة؛ ليضفر جدائلها ويهنأ هنيهات في حضن حنوها.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الناقد العراقي