زقاق رقم 19 وكنيسة الطاق

Tuesday, August 03, 2004 5:15 AM


ان التنوع الفسيفسائي للمجتمع العراقي قوة وابداع خلاق شارك في رفد العملية الحضارية للانسانية بقافلة من المبدعين وفي كافة مجالات الحياة، هذا احد الازقة البغدادية
الكرادية التي يربط بين صوبيه الخارج والداخل على شبه جزيرة، يحتضنها نهر دجلة الخالد كالام الحنون التي تخاف على ابنائها. هذا الزقاق الخالد وفي غرفة مقابلة لطاق الكنيسة عشت ايام شبابي وذكراها تمر امام عيني كشريط سينمائي وانا ادرس فوق سطح بيتنا الذي بات مرهونا لنزوات احد المؤجرين بعد ان انتشر ابناء البيت الخمسة في ارجاء المعمرة وباتت اختهم كالاجيرة تسكن احد غرف البيت الابوي والظالم تحول الى صاحب الدار ومالكه واقول من ذلك الشباك عرفت العالم وحين صاحت ابنتي الصغيرة بابا بابا بيت جدو... بيت جدو شاهدت كل ذلك الحريق والدمار والهلع في عيون الناس المتجهين الى كل حدب وصوب بلا هدف مذهولين من الرعب لهول الحادثة وجلل المصاب. هرعت الى هذا الجهاز العجيب كي اتمكن قراءة المزيد والاتصال عن طريقها الى معارفي في بغداد علهم يعرفون ما حصل باختي وبيتنا فجاء الجواب الشافي انهما بخير والحمد لله.
هنا في الشمال الاسكندنافي قتل البارحة رجل شرطة وسيقف الناس دقيقة حدادا على روحه وساشاركهم وقفتهم هذه احتراما واجلالا لجميع الارواح التي تزهق بيد ظالمة اثمة ونفوس ينخرها الحقد على النفس البشرية التي حرم الله قتلها الا بالحق. شهداء وجرحى يوم الاحد الدامي هؤلاء اللذين تجمعوا ليصلوا ويستمعوا الى قداس يوم الاحد
ويرتلوا مع المرتلين نشيد الانشاد العراقي الابدي
:
المجد لله في العلى
وعلى الارض السلام
وفي الناس المحبة
اقول هؤلاء الشهداء من العراقيين تجمعوا في حلقة ذكر رافعين راحهم للخالق عز و جل ليطرد الارواح الحاقدة من ربى الوطن العراقي ويرفع الضيم عن ابناء الامة العراقية في حي شعبي معروف كالكرادة الشرقية ذلك الحي النموذجي الذي يعكس تركيبته البوتقة الفكرية والعقائدية والقومية العراقية من شمالها الكردستاني الى ابلتها في الجنوب ومن شرقها مع اصوات خرير نواعير عانة وهيت الى سواد قير نفط خان وخانقين، كلهم تجمعوا في وئام ومحبة على شبه جزيرة بغدادية فذاك الكردي والعربي والتوركماني والكلدو اشوري والارمني واليهودي والمسيحي والسني والشيعي كلهم التقوا على المحبة في ارض تلك الشبه الجزيرة الدجلوية حيث يلتف نهر دجلة محتظنة تلك البقة من التراب العراقي كالام الحنونة التي تحتضن ابناءها.هنا ترى ابو خليل المندائي الصائغ وهناك تلتقي بالسيد زكي بائع الفحم ومن ثم ترى مكتبة عامرة يديرها الكاتب العراقي حازم مراد وهو واقف وراء الطاولة يشجع شباب الكرادة على القراءة ومن ثم القراءة صديقا واخا كريما لهم يعرفهم على نوابغ الادب العالمي وينير لهم بصيرتهم. هناك كانت تقف راحيل(ام صباح) تعمد الناس ببشاشتها وتعيد الامل الى النفوس التعبه وهي تندب الغربة وايامها ولو كان بغداد المنفى و تلكيف الوطن الصغير. تجمعها صداقة مقدسة لا يعرف الناس كنهها مع "ام علي" حيث يرتبطان بوثاق تغرب ابنائهم يجلسون السويعات ياكلون ويشربون معا تلك السيدة الجليلة التي تركت بغداد بعد رحلت صديقتها من هذه الدنيا الفانية ربما حزنا عليها وكي لا تجدد ذكرياتها وتحزن فيبتعد تلك البسمة الحنونة عن وجنتيها. هنا التقى التضاد بين المنتمين الى جميع الديانات من يهود ومندائيين ومسيحين واسلام ومن كافة حللهم ومللهم فالمسجد بجانب الكنيسة والحسينية بجانب المقام والمرقد لرجل صالح والاسماء ازقتها بالعبرية والعربية والسريانية والتوركية (ارخيتة، بولس خانة، بنزين خانة، شارع المشجر، راغبة خاتون"تيمنا باسم سيدة يهودية ثرية"، شارع الكنيسة وووووو.....) هناك رحل "ابو علي" والحسرة في داخلة من عدم رؤية ابنائه الخمس وترك الدار والديار ليسطوا عليه المستاجر الظالم ويقسوا على البنت الوحيدة في الدار وتتحول صاحبة الدار الى مستاجرة فاقدة حقوقها تحت وطئة الظلم.فمن يكون وراء اغتيال امل العراق؟ ومن يكون وراء تلك الزوبعة الحاقدة على كل عراقي يقتل الوئام الوطني والحوار الحضاري الذي ربط القوم على ضفاف الفراتين؟.. من يكون هذا الحاقد الاسود الذي لا يرى بصره النور في امة ذاقت الامرين بيد ابنائها وكل غازي.. من يدق ناقوس الحرب بين ابناء الرافدين في يوم لهاب مقدس يجري فيه طقوس العبادة والتقرب الى البارئ عز وجل...
تحية لشهداء العراق اينما سقطوا وكانوا.المجد والخلود للارواحهم. سلاما لك عرابتي "ام صباح" اينما كنت هنا وهناك ولا تزال ايقونتك التي جلبتيها لي من "كنيسة المهد" في "القدس الشريف" تحت مخدتي... جوزيف سلاما اليك اينما كنت وانا على وعدي لك سالتقيك في حانة لندنية... سرجون اين انت ووعدك لي ان تصبح قسيسا تنير الدرب للناس وتعظهم، ذلك الوعد الذي قطعته على نفسك ونحن لم نزل نجلس على مقاعد الدراسة في اعدادية الملك غازي.... سلاما لك حازم وعذرا لم انسى الاربعون ديناردينك عندي مقابل كتب "الدكتور علي الوردي" التي اشتريتها منك..
.لكم جميعا ابناء الكرادة الشرقية سلاما عراقيا... بشينة... والى حين...................................
السويد اليوم الثاني من شباط عام ‏ 2004‏‏-‏08‏‏-‏02‏

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الناقد العراقي